سنجه صفحات من التاريخ
عندما ضاقت أم درمان بما رحبت به من القبائل التى جاءت مناصرة للإمام المهدي ومن خلفها عائلاتها وبهائمها كانت عيون الخليفة عبد الله قد وصلت الي مناطق السنج ووجدوها تحمل روعة المكان والزمان حيث الغابات تملأ السهول الفيضية للنيل والخضرة تداعب المكان علي امتداد الفصول ونبات السنجه الذي كان سيد الساحة مادا اطرافه الطويلة سباحا في كل اطراف الميع والمستنقعات وأماكن تجمع مياه الخريف فاصدر الخليفة عبد الله التعايشي توجيهاته بأن يرحل الناس الي منطقة السنج وأن يعمروها وكانت المنطقة من قبل قد اصبحت مستقرا لقبيلة الفونج والتى جاءتها هاربة من مكوار المحروسة عقب وصول اسماعيل باشا إليها والتى هي في الأصل كانت أرضا لقبائل العنج ومملكتهم التي كانت عاصمتها في منطقة الرميلة جوار أبونعامة والتي اختفت من الوجو وخلفت وراءها مقابر اثرية قفلتها ادارة الاثار وأصبحت منطقة محجوزة وقد زرتها عدة مرات وعلي ذكر العنج فانهم كانوا طوال القامة وكانوا يدفنون موتاهم وقوفا رغم طولهم الفارع ومخلفاتهم تدل علي ان عظمة ساق قد تفوق المتر طولا.وقد رأيت كثيرا من أثارهم ومخلفاتهم الفخارية وأدوات صيدهم . وكان رفيقي محمد بابكر أبوحاج زميل رحلاتي الي هذه المنطقة
توجيهات الخليفة بأن يذهب الناس لتعمير السنج دفعت الكثيرين للحضور للمنطقة هربا من القحط الذي أصابهم فجاء التعايشة واستقروا في سنجة الرماش وجاء الكنانة واستقروا في سنجة العزازة وجاورا قبائل الفونج والأشراف وأستقروا في سنجة الدبكرة وغيرهم من القابائل.
اكتملت هذه الهجرات بعد معركة كرري اذ لحق الكثيرين بعد سقوط أم درمان بأهلهم في منطقة السنج واكتملت هذه الهجرات.
منطقة سنجه الحالية كانت قرية صغيرة تنام بالقرب من النيل وكانت هي مشرع رئيسي لكثير من الحيوانات وكانت تعرف بمشرع السراجية وكان مكانه ما يعرف حاليا بجنية السجن ولاحظ العلاقة بين كلمة سنجه والسجن في الأحرف .
كل ما قيل سر التسمية يمكن النظر إليه من خلال هذه الوقائع التي توكده هذه الحقائق التاريخية وحول سنجة الميزان فانها جاءت بعد توجيهات الخليفة عبد الله بأن يذهب الناس لتعمير السنج ، أما عن سنجة البندقية والتي تعرف بالسونكي فأن النشاط العسكري حتي ذلك الوقت لم يكن قد وصل الي المنطقة .
من الذين وصلوا الي المنطقة كان السيد محمد محمد ود السيد حامد الذي استقر في المنطقة مع اهله وصاهر الكنانة وأصبح مركزا يتجمع عنده الكثيرين ينهلون من معينه ويستمدون منه البركة والسلوي التي تخفف عنهم ما عانوه من فقد الأهل في كرري وذهاب دولة المهدية وبطش أصجاب الجبة التى وقعت في البير وصاحبها الخنزير.فكانو يتجمعون حوله يقرأون راتب المهدي ويتلقون العلم ويحفظ ابنائهم القرآن ولكن تنابلة السلطان ومكسري التلج لم يتركطونهم في حالهم فوشي بهم للإنجليز طمعا في رضاء الانجليز عنهم وتقربا وزلفي.
وتمضي الرواية. لنعيد فيها رواية السيد محمد ود السيد حامد الذي يتصل بقربة الامام المهدي ومن بعده نعيد كتابة بطولة عبد الله ود الحسن.ويتواصل الحديث
كل مصادري بعض من الروايات الشفاهية من بعض حضور الزمان أو المتصلين به وبعض ما تم جمعه من كتنب التاريخ .
نأمل ان نجد الاضافة عند من يملكون المعلومة والتصحيح ان أخطأنا وأن نجد عذر الاجتهاد عند الجميع.
نواصل
وعندما قدمت القبائل بعد مجاعة سنة ستة هروبا بسوائمها من القحط الذي أصاب منطقة أم درمان الي منطقة السنج حسب توجيهات خليفة المهدي وجدت الفونج قد تقهقروا اليها بعد تدهور مملكتهم وسقوطها في يد اسماعيل باشا وجنده وكان اسماعيل قد رجع من سنار ولم يواصل الزحف جنوبا.
اكتملت هذه الهجرات بعد موقعة كرري وسكنت هذه القبائل وعمروها وامتد بهم المقام حتي وصلوا مناطق ود
النيل حيث مازالت تجمعات التعايشة عند قري تنقروا وقري وروينا وغيرها من القري. وسكنت في هذه المنطقة ايضا قبائل رفاعة الهوي التي جاءت مهاجرة ايضا تطلب الماء والكلأ .لغزارة أمطار هذه المنطقة وعذرية مراعيها وطيب نباتها وايضا لما يوفره النيل الأزرق من سهول فيضية متمثلة في الغابات والميع التى تمتلئ عند الفيضان. مما يجعل المرعي متوفرا طول العام وكان منطقة العزازة والرماش وغابابة القعرة تشتهر بنبات السنجه الدائم الخضرة السريع النمو الممتد الأفرع الذي ما أن يرعي الا ويعوض ما فقد منه وكانت أوراقه العريضة الجافة التي تشبه حربة البنديقة تشكل ان جفافها وسقوطها ايضا علفا جافا ترغب في اكله الحيوانات
( نشرة دورية -مجلة غابات السودان – اكتوبر 1964م العدد 13)
كانت المشارع علي النيل الأزرق قليلة وغير ممهدة فكان مشرع السراجية هو المشرع الطبيعي الذي يمكن الحيوانات ان ترتاده دون أي مشاكل حول الوصول الي الماء خاصة في فصل الصيف حيث ينحسر النيل وتبعد المياه عن أطرافه . وأسكن التعايشة حيواناتهم عند منطقة السوق الشعبي الحالي بعيدا عن قرية سنجه التي زكرنا مكانها في صدر هذه الصفحات .وهذا المشرع كان واحدا من أسباب ثورة عبد الله ود الحسن زعيم الكنانة وبطل المنطقة والذي ارتبط اسمة بمدينة سنجة حيث كان يقال حين تقول سنجه والسنج كثر واحتفظت بالاسم سنجتنا فقط لأنها كانت الأأكبر والأكثر نموا مع سنجه نبق والتي مازال فيها بقية متفرقة من نبات السنجة .ويسأل عن أيها فيقال لك سنجة حيث قتل عبد الله ود الحسن. وبمرور الوقت خففت الي سنجه عبد الله ومازال الارتباط متواصلا يحمله اسم المدينة
سنجه هي المدينة الوحيدة التي ينحي لها النيل الأزرق مرتين الأولي عند مقدمه في لفة ميناء قبالة جناين الشايقية وبشير بدوي وعلي ابراهيم الحامدي فيقدم فروض الاحترام والتحية أن السلام عليكم سنجه ثم يمر في طريق بكل الاحترام ثم ينحني مغادرا عند لفة 14ليقول وداعا سنجه ليمر الي ملتقاه .
وللحديث بقية.............
مستشفي سنجة
لما كانت سنجه عاصمة لمديرية الفونج وكانت واحدة من أكبر المدن وحيث كانت تتمركز في منطقة سكانية تعج بتجمعات العديد من القبائل التي وفدت اليها فكان اختيارها لتكون من المدن التي تم فيها انشاء أوائل المدارس الابتدائية فكانت أم المدارسه التي خرجت العديد من الاجيال ولم تشهد العديد من المدن هذا الاهتمام الذي لايدل الا علي ان هذه المدينة قديمة ومتقدمة وانها في وقتها رقما هاما رغما عن قول الكثيرين حولها غير هذا الكلام وكان مستشفي سنجه صرحا اخر يوكد علي ان المدينة كانت تعتبر مركز حضاري يشهد تجمعا عمرانيا وان موقعها الاستراتيجي وسط تجمعات القبائل ونمو النشاط الزراعي والذي ظهر في تلك الحقبة في المشاريع المروية التي بدأت تنمو وتظهر في الأفق مثل مشروع الكوكب ومشروع ود العبطي ودار الشفا والنايرة وسيرو وغيرها .
تاثير ومشاركة ابناء سنجة في مؤتمر الخريجين والحركة الوطنية والخدمة المدنية منذ القدم واضحة وضوح الشمس وهم كثر وابناء المدينة الكثيرين من الأوائل الذين نهلوا من معين التعليم العالي يدل بما لايدع مجالا للشك بان سنجة تاريخ قديم يمكن أن يحكي للأجيال يروي الكثير مما سنأتي لتفصيله اذا أمد الله في العمر.
نواصل....... بإذن الله .
عند المسيحين فيامة المسيح وان المسيح عليه السلام سينهض ذات يوم من موته ويعود حاملا معه اكسير النقاء الذي سيجلي القلوب وينظفها من كل أمراض الدنيا وتعود الدنيا والناس الي عالم الطهارةو النقاء وتمتلي الأرض بالعدل ويذهب الشر الي غير رجعة ويخلص الناس من كل أمراض الزمان فسمو المسيح عليه السلام بالمخلص.( وماصلبوه وما قتلوه ولكن شبه لهم )
نظرية المهدي المنتظر تنتشر هنا وهنالك وسط الشعوب المسلمة وخاصة عند الشيعة وانه عند كل قرن من الزمان يظهر مهدي يخلص الدنيا من الشر.
من أين استقي الرجل ثقافته ومن أين واتته الفكرة ولكنه وسط تلك الاجواء المملوءة بالاحتقان وحالة القهر السائدة انذاك بسبب الاستعمار وجبروته وبطشه كان الناس ينتظرون بطلا يخلصهم مما هم فيه من ضيق وكدر ساد الحياة حتى اصبحت لا تطاق .
كانت حالات العنف الزائد والبطش والتقتيل والسجن والنفي هي السائدة وكان انتظار هذا البطل الذي يمكن ان يجتمع الناس حوله لمحاربة الشر هي البضاعة الرائجة طلبا للخلاص من الليل الجاسم علي الصدور مادا اطرافة في كل الانحاء. خرج الرجل بدعوته انه نبي الله عيسي وانه المنتظر الذي ينتظره الناس وانه هو الذي سيخلص الناس من كل ماهم فيه من حالة كدرية . ماهو أساس دعوته ومن أين جاء بها فهذا مالم نستطيع التوصل اليه وقد حاولت ان اعرف مرجعيته وجوانب ثقافته ولم اجد الا انه قد حفظ الكثير من القرآن في الخلوي وأن بعض الناس كانو يقصدونه لبعض حاجاتهم فيكتب لهم التمائم والحجبات ويقرأ الطالع ويتنبأ لهم بالمستقبل وأن كثيرين من الناس كانوا يؤمنون بقدراته علي ذلك لذلك فان دعوته لاقت رواجا بين الناس وآمن بدعوته عدد كبير.
خرج الرجل بدعوته الي الغابات هروبا من عين المستعمر وتجميعا لقوته وقصد غابة أم كمنة وهي غابة كثيفة الأشجار في منطقة الدالي وتوافد عليه الكثيرين من ما يومنون بحتمية الخلاص ومن من ضاقت بهم الحال .
كان الرجل يعلن للناس ان جند الله ستحيط به من كل جانب وان الملائكة ستشارك في حربه ضد المستعمر وكان حينما تأتي الغابة بأصوات بفعل الريخ أو خلافه كان يقول ان هذه هي أصوات جند الله الذين نزلوا من السماء لدعم معركته الفاصلة ضد الشر وان الخلاص علي يديه قريب فيزداد ايمان الناس بأنه المسيح المخلص ويلتفون حوله حتي ضاقت الأرض بهم .
وصل الأمر للحكومة ومن الأقاويل والحكايات التي تروي عن جند الله النازلين من السماء شك المفتش في مصداقية الرجل واصبح بين من تقلب عليه كون انه مسيحي ومؤمن بالمسيح المخلص وبين واجبه كرجل يجب ان يحمي دولته فأثر حل وسط هو أن يرسل للرجل ليحضر له ويجلس معه ويسمع منه حتي يعرف مدي صدقه ’ وجاء الرسول الي الرجل يحمل دعوة المفتش ولكن في تلك الأثناء كان قد وصل قبل رسول المفتش عبد الله ود الحسن رأس قبيلة كنانة ومعه جماعة من اهله بعد ان ضاق ببطش الانجليز وجبروتهم .
طرد رسول المفتش وعائد يحمل الانباء عن الرجل وعدد الناس وما يحيه الناس عن قدرات الرجل الخارقة وان حوله جنود من الملائكة أتو من السماء ليقفوا من حوله .
قرر المفتش ارسال وفد من زعماء ومشايخ وعمد القري والقبال للتفاوض مع الرجل ودعوته للجلوس مع المفتش هذا مالم يحدث مع احد من الناس اذ كان البطش عقاب كل من تري الحكومة انه خطر علي الدولة
هذا الرجل هو محمد نور جد السادة آل صباح محمد نور الموجودون الان بسنجه جد محمد وعباس وكامل صباح وغيرهم.
بعض اراء الناس تقول ان ماصاب الرجل مجرد لوثة جعلته يعتقد هذا الاعتقاد وبعضهم يقولون ان الرجل كان ثوريا ومن انصار المهدي ولد القهر لديه هذه الفكرة التي عاشت في مخيلته حتي صدقها وتعايش معها حتى أدمنها ونادي بها والتف الناس حولها . ويكفي انها تحكي صورة واقعية عن حالة الناس وقتها وكيف كان الضيق من الاستعمار وطلب الخلاص منه هو السائد حتى لو تعلق الغريق بقشة
وصول عبد الله ود الحسن الي المنطقة وما قبلها وماتلاها من أحداث يستوجب وقفة قصيرة لنأتي علي ثورة عبد الله ود الحسن واسباب انضمامه الي محمد نور الذي اعلن انه ببي الله عيسي في أم كمنة وتداعيات هذا
.ونواصل انشاء الله.......................
الي طه الريفي
الليه لما البابور اتدور
من نومتك يا أبرفاس مابتتحول
واااااْ ازاي من موت الصبي للترك جندل
واحسرة شبابي علي الولد الفي الجري شال الأول
الي جمانة
سميناه .... الضمير واضح ولا تعجبني الاشارة
لسنا في معركة دايرة نفس حار لزوموا شنو
نبحث ونكتب والعندو معلومة عليه بلوحة المفاتيح
ودا العندنا
مجرد سؤال سراج ذاتو قبال يلدوه المشرع كان في ولا مافي
ولا سنجه ذاتها كانت مافي
لم نتعود ان ننقص الناس أشيائهم
مجرد ملاحظة
حدثني العم قرجة علي ان الكنانة كانوا رعاة ابل طبيعة المنطقة حولتهم الي الاهتمام برعي الأبقار وانهم ولدوا ابقارا مهجنة عرفة فيما بعد بأبقار الكنانة جاوز فيها بين ابقار المنطفة القصيرة القامة والأبقار فارعة الطول.
وقف الزمان ليفسح للأقلام أن تسجل واحدة من ثورات رفض الظلم ثورة غيرة مسار الأحداث وخلدت في ذلكرة التاريخ ورتبطت بالزمان والمكان حتي صارت اغنيات يتبادلها الناس .
يعد الجوار بين كنانة والفونج وكنانة قبيلة معروف عن افرادها الشجاعة والاقدام والاعتداد بالنفس والاعتداد بالرأي ونصرة القبيلة في كل الاحوال وعدم تقبل الحقارة..
وكان الفونج مازال لديهم بقية من عزة السلطنة والسلطان وهيبة الحكم والصولجان رغم ضعف دولتهم في زمانها الأخير بعد عصفت بها الأهواء ولعب بها الهمج.وقفضي عليها اسماعيل. قلنا ان اسماعيل بعد فتحه لسنار وسقوطها في يديه وتقهقر الفونج جنوبا لم يطارد فلوله وقرر العوة الي شمال السودان ليوطد اركانه ويحقق بعض من اسباب فتحه للسودان.
فسكن الفونج في منطقة السنج والتى كانت اول محطاتهم التجارية النيلية عبر تجارتهم مع الحبشة حيث كان الفونج يأتون من هناك بالبخور وريش النعام والبن وسن الفيل.
جاور الفونج في هذا السكن قبيلة الكنانة والتي جاءت مهاجرة بعد مجاعة سنة 6هـ وهذا الجوار لم يخلا من احتكاكات هنا وهناك بسب اختلاف شخصيات الفريقين ولكن هذه الخلافات كانت تحسم في وقتها بحكمة الزعماء
ولكن حدثت حادثة غيرت التركيبة السكانية للمنطقة حينما زين احد دعاة الفتنة المزروع من قبل الحكام المستعمرين لمك الفونج احدي بنات الكنانة وظل يمنيه بالزواج منها واصفا حسنها مزينا لها وان هذه المصاهرة ستعطيه الزعامة علي القبيلتين وان الكنانة لايمكن ان تكسر عينهم وتوقف شموخهم واعتداهم بأنفسهم الا ان تتزوج منهم وان تنجب منهم فيظل ابنائك ابنائهم فتدين السيطرة علي القبيلتين لك .
وما ان قتنع مك الفونج بالفكرة الا وخرج هذا السوس نحو قبيلة الكنانة وسرب الحديث تسريبا بان مك الفونج يريد ان يتزوج ابنتهم حتى لو بالقوة.
كانت حسناء كنانة كعادة ذلك الزمان لها ابن عم يتمتع بكل صفات ابناء الكنانة وكان ينتظر لحظة زواجه منها وعندما جاء مك الفونج طالبا يدها هب الفتى ثائرا كعادة ابناء الأعمام حينما يأتي غريب لخطبة بنت العم فاعتبر مك الفونج ان الامر اهانة له ولسلطانه وسرعان ما احتدم الأمر وتحولت الي معركة بين افراد قبيلة كنانة وجماعة سلطان الفونج وانسحبت جماعة الفونج بعد ان اخذوا علقة ساخنة من الكنانة.
تداعيات هذه الحادثة افرزت العديد من الصدامات التى راح ضحيتها الكثيرين من القبيلتين بعد ذلك الي ان رأت الحكومة ان تواجد القبيلتين بهذا التساكن يمكن ان يخلق حالة عدم استقرار أمني بالمنطقة فاصدر امرا باجلاء الفونج للبر الشرقي للنيل لتظل الكنانة في مكانهم لصعوبة نقلهم وحيواناتهم من هذا المكان ولارتباطهم الرعوي بالمنطقة.
وفي هذا الشأن تروي حكاية طريفة مثل الاحجية ان أم سلاطين الفونج الكبيرة قد زعلت من هذا الحال واعتبرته منقصة كبيرة في حق مكوك الفونج ومجد القبيلة فرفضت ان تسكن مع ابنائها عقابا لهم علي مآل الحال ورحلت بعيدا عن القرية التي رحلوا اليها في البر الشرقي للنيل فما كان من أبنائها الي أن رحلوا اليها وعملوا علي ترضيتها ومحاولة ارضائها بكل السبل الا ان الملكة الجدة كان زعلها وغضبها علي سوء ما وصل اليه حال الفونج قد بلغ مبلغا كبيرا ولم تلفح معها كل محاولات الترضية ورحلت مرة ثانية بعدا عنهم الي مكان قرية مينا الحالية وسكنت لوحدها ولم يتركها أبنائها في حالها وذهبوا اليها محاولين من جديد ان ترضي عنهم ولكنها اعلنت انها لن تقبل مساكنتهم مرة ثانية وان عليهم ان يدعوها في حالها ولكنهم حضور اليها ليسكنوا معها معلنين انهم لن يتركوها تسكن لوحدها ولكنها في هذه المرة قرر ان ترحل عنهم الي منطقة لايمكن ان يصلوا اليها وبمجرد وصول طلائعهم نزلت الي النيل وزسكنت فيه الي الأبد ويقال ان جثتها لم تطفو حتي اليوم .
مازل البعض يعتقد انها تسكن داخل النيل وانها تستطيع افساد حياتهم ومناسباتهم وحتي الان يحملون لها كل الأشياء من اكل وشرب وعطور وبخور ودهون وبن وسكر وشاي وخلافة ويلقونه في النيل حتى ترضي عنهم واذا لم يفعلوا هذا فان اي مناسبة ستخرب ولا تنجو من احداث كارثية تحدث فيها .
كانت حادثة رحيل الفونج للبر الشرقي للنيل القشة التي قصمت بعير العلاقة بين الكنانة والفونج واستطاع الانجليز بواسطة الرجال السوس ان يدمروا العلاقة ليسود مبدأهم فرق تسود وهكذا فرقوا بين القبيلتين وزرعوا الفرقة بينهم
تدهورت العلاقة بين القبيلتين واراد المستعر ان يكسر شموخ ابناء كنانة ويكسر اعتدادهم بأنفسهم ويسعي الي تفتيت وحدة القبيلة ووقوفها صفا واحد كالبنيان المرصوص فبدأ في اصدار تقديرات جزافية علي القطعان والمعلوم ان حيات الكنانة مربوطة بماشيتهم التي تمثل ثروتهم الرئيسة وحرفتهم الأولي .
كان الناس يلجأون الي زعيم القبيلة ليتظلم ويسعي الي معالجة أمر التقديرات الجزافية لرسوع قطعان الماشية وكان الانجليز لايستجبون لزعيم القبيلة .وكان عبد الله ود الحسن يجادلهم في الأمر لدرجة الاحتداد وهم لايستجيبون وكان تنابلة السلطان السوس يذهبون للأفراد حينما تستطدم محاولة عبد الله ود الحسن بعنهجية وتعنت الانجليز ويدلونهم للذهاب الي مك الفونج ويخبرونهم بانه قادر علي ازالة الظلم .
وكان مك الفونج قد رفعة الانجليز وقتها مكانا عليا وعين عمر الخضر وقتها كأول عمدة لسنجه فكانت نظارة المنطقة للفونج وعمودية سنجة للفونج بالرغم من ان كنانة كانوا يمثلون الغالبية العظمي للسكان . واصحاب اكبر الثروات بالمنطقة ولكن الانجليز كانو قد اردوا احداث شرخ في القبيلة ولكن الغالبية العظمي للكنانة لم تستجيب للذهاب لمك الفونج حفاظا علي وحدة القبيلة وتأكيد علي شموخها وكبريائها . ومن القبيلة من ذهب الي المك وهم قلة قليلة بل تطور الأمر الي أن اصبحوا اصدقاء للمك بعد ان نبذتهم القبيلة واحتضنهم المك.
كانت الكارثة في فرض رسوم علي المشرع التى ترد اليه ابقار الكنانة واعطاء حق جمعها لمك الفونج الأمر الذي اغضب قبيلة كنان ورفضه زعيمها عبد الله ود الحسن والذي دعاه للثورة واعلان العصيان والتمر ورفع راية الجهاد ضد الإنجليز.
ثورة السيد محمد ود السيد حامد
نشار الحديد
وقفت السيدة المجاهدة والتي تحمل كل صفات نساء كنانة وهي تشتعل غضبا وتأخذها الحمية وتننفض حاملة مسدس زوجها بعد أن أخرجته من جرابه وتطلب من زوجها اطلاق الرصاص عليها قبل ان تشهد اليوم الذي تري فيه زوجها يهان فقد كانت تحب زوجها وترفعه منزلة القداسة وكان الرجل يستحق كل هذا الحب وهذه التضحية
كان الرجل تقيا ورعا كريما جودا عالما وكانت دارة مفتوحة لكل الناس يلجأون اليه يفك كرباتهم ويقل عثراتهم ويحل مشاكلهم ويكرم وفادهم ويتعلمون منه أمور دينهم
السيد محمد ود السيد حامد وهو يمت بصلة قربي للإمام المهدي من ناحية الأم وجاء الي سنجة مهاجرا وصاهر الكنانة وتزوج من احدي جدات السيد| كمال احمد جار النبي وقريبة الكثيرين من كنانة سنجه وأم بياقة وأم بنين
كان للرجل دار مفتوحة يتجمع الناس عنده يلتمسون البركة ويحضرون دروسه الدينية ويقرأون راتب المهدي كورد يومي صباح مساء كعادة كل أنصار الامام المهدي وكانت حلاقة الذكر ترتفع أصواتها ويزدا كل عدد حضورها وكان يعقد قران زيجاتهم ويعلم أبنائهم القرآن الكريم .
كانت التعليمات لمفتشي المراكز بعدم السماح بأي تجمعات للأنصار حفاظا علي الأمن وكانت العداوة قد بلغت مبلغا كبيرا بين الكنانة والفونج خاصة بعد ان فرقت الفتنة بين الفريقين وعمل سوس الناس علي نخرها ونقل الاخبار الضارة وتلفيق الأكاذيب بين الفرقتين مما ادي الي كثير من الاحتكات
طبقت الحكومة سياسة فرق تسد وعملت علي تغذية روح العداء بين الفرقتين بعد ان ضمنت ولاء مك الفونج لها فرفعت من مكانته وحرمت الكنانة من أي مزايا وضيقت عليهم في أمورهم وصارت تتشدد معهم في الضرائب ورسوم القطعان .
نقل الوشاة الي مفتش المركز ان السيد| محمد يجمع الناس ويتذاكرون راتب المهدي الذي كان ان الحكومة قد منعت قراءته الجماعية . وكانت دار السيد| محمد تشهد الكثير من التجمعات في مناسبات عديد وكانت قصائد المديح والحماسة تقرأ وكان الناس يتجاوبون معها بطريقة السودانيين المعروفة عند شعورهم بالحماسة.
ارسلت الحكومة للسيد محمد من يبلغه بأن يمتنع عن جمع الناس وعن قراءة راتب المهدي فكان رده بأنه لايمكن ان يسد بابه في وجه أي طارق وانه لا يمكن أن يرد سائل وانه لايمكن ان يمسك علمه عن الناس خوفا من لجام النار. واستدعته الحكومة وهددته ولكنه كان يرد باب بابتسامة عريضة وبهدوء معهود عنده انه رجل دين وليس رجل حرب أوسياسة وانه في سبيل الله ولا يمكن لا ان يترك طريق الله.
سافرت التقارير عنه للمركز في الخرطوم واصدرت الخرطوم تعليماتها بنفيه الي بورتسودان . وتسرب الخبر قبل ان يبلغ به رسميا اليه وكانت بورتسودان تعني السجن المؤبد فقرر السيد |محمد الهجرة للحبشة فرارا بدينه وأهله قبلة ان يتم نفيه فجمع أهل بيته وغادر المدينه نحو الحبشة .
لم يترك دعاة الفتنة للأمر ان يمر هكذا فسربوا الي الكنانة ان السيد محمد هاجمه جلابة أبوحجار واعتدوا عليه وسلبوا ماله ونسائه . فسري الخبر في القبيلة التى سرعان ما تنادت لنصرته وخرج الكنانة لنجدته ودخلوا ابوحجار وهاجموا الجلابة في سوقهم وسرعان ما اكتشفوا ان السيد| محمد لم يدخل أبوحجار أصلا وأن الأمركان خدعة فلحقوا بالسيد محمد الذي كان قد وصل منطقة ود النيل وخيم بها.
ابلغ دعاة الفتنة الانجليز بخروج السيد محمد ولحاق الكنانة به وانهم شكلوا تجمعا عسكريا هاجم جلابة ابوحجار وسلب سوقهم. وسرعان ما جاءت عربات النجدة من منطقة القضارف وعبرت النيل عبر معدية المك وخرجوا للحاق به.
كانت منطقة ود النيل منطقة منعدمة المياه مما استدعي ان يرسل السيد محمد وارده للنيل الذي كان بعيدا عن ود النيل لاحضار المياه .
لحقت القوة بالسيد محمد في ود النيل وقبضوا علي جماعته الذين ارسلوا لاحضار المياه وضربوا حول مخيمه طوقا وحاصروه وارسلوا اليه من يطلب منه التسليم . رد السيد محمد بأنه لم يخرج لحرب وانه ليست لديه اسلحة مشرعة وان جميع اسلحتهم في جرابها .
هنا علمت زوجته بما سيحيق بالرجل من ذل وهوان علي يد الانجليز وأعوانهم فجرت نحو متاعه واخرجت مسدسه من جرابه وطلبت منه ان يقتلها ويقتل نفسه فاجابها بابتسامة عريضة بأن أمر المؤمن كله خير وان (البتجي من السماء بتتلقاها الواطة )
قبضت القوة علي السيد محمد ومن كان معه واقتيد من ود النيل الي سنجه حافي القدمين حاسر الرأس مربوطا من يديه مجرورا خلف حصان ودخلت به القوة سنجه وتغني اغاني تحقر من شأنه وتصفه بالمرأة الهاربة وهذا ما كانت تخشاه زوجته.
عند سنجه اطلق سراح النساء وذهب زوجته ومتاعه الي منزله التي اصدرت السلطات امر بحرق داره ودار من كان معه ونفذت القوة الحريق وهنا تصدت السيدة زوجته للمعتدين واقتحمت النار ببسالة لتنقذ كتبه ومصلاته ومسيحته وبعض مقتنياته الشخصية حتى حرقتها الناروخرجت منها بحروق لازمتها فترة طويلة.
حكمت السلطات علي السيد | محمد بالاعدام واعدم في عرديبة سجن سنجة الحالية التي يروي انها كانت عودا واخضرت واصبحت شجرة بعد ذلك . لم يسلم جثمانه لزويه بل ترك مسجي حتي الليل ودفن في منطقة الجيش العسكرية الان وردم فوق قبره كمية من الحديد الخردة حتى لا يتعرف علي قبره أحد ولكن ارادت الله جعلت قبره في مجري سيل جرف الحديد وظهر قبره للناس بفترة قصيرة واصبح مزارا يزوره الناس حتى اليوم.