بدا ليونيل ميسي سعيداً جداً، متفاجئاً ربما، او فلنقل لاعباً دور المتفاجئ، بعد ان استقبل في منزله الكائن في برشلونة وفداً من مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية المتخصصة في كرة القدم زفّت اليه الخبر السعيد المتمثل بإحرازه جائزة «الكرة الذهبية» كأفضل لاعب في العالم.
كل شيء سار كما هو مرسوم له ان يسير، اذ لا خلاف على هوية الفائز بنسخة 2009 من الجائزة التي درجت المجلة على اهدائها ل«بطلها» سنوياً ابتداءً من العام 1956.
لكن ان يأتي في حديث «ليو» إشارة الى شعوره بالفخر كونه الارجنتيني الاول الذي يحظى ب«الكرة الذهبية»، فهنا تكمن المشكلة.
ثمة مسلّمات في الحياة لا تشوبها شكوى منطق، فالارجنتيني دييغو مارادونا كان، على الاقل، افضل لاعب كرة قدم في العام 1986 عندما قاد «راقصي التانغو» الى انتزاع الكأس العالمية في المكسيك، هذا إن لم نقل افضل لاعب في تاريخ «الكرة المستديرة».
«الكرة الذهبية» كانت تمنح في تلك الأثناء لأفضل لاعب اوروبي، فكيف لمارادونا ان يحظى بها؟
ومن فاز بودّها تلك السنة؟ لاعب منتخب الاتحاد السوفياتي السابق ايغور بيلانوف. هل من أحد يعرفه؟ وهل كان بيلانوف، طيّب الذكر، افضل من مارادونا؟ بالطبع لا، إنما قوانين «اللعبة» في تلك الحقبة حكمت هكذا، فاستسلم الجميع مذّاك لهذا الواقع، الا انه كان الاجدى بميسي ان يشير الى انه بات، فقط على الورق، اول ارجنتيني ينتزع «الكرة الذهبية»، وانه في حقيقة الامر «الثاني معنوياً» الذي احرزها بعد «استاذه» مارادونا.
في العام 1995، اتخذ القرار الشهير بمنح الجائزة لأي لاعب من اية جنسية كان، شريطة ان يلعب ضمن الاندية الاوروبية، فدفع الالماني يورغن كلينسمان الثمن كون الليبيري جورج ويا سبقه الى الذهب، فيما اكتفى «كلينسي» بالفضة.
ولنفرض جدلاً ان «فرانس فوتبول» اتخذت قرار تعديل «طبيعة» مرشحي جائزتها في 1996 وليس 1995، لكان كلينسمان احد رواد التاريخ والجائزة!
هذا ظلم لتاريخ مارادونا، وبدرجة اقل لتاريخ كلينسمان، وثمة حاجة للاشارة الدائمة الى ان قوانين «الكرة الذهبية» خضعت لتعديلات مذ ابصرت النور وإلا لكان سجلها مغايراً لما هو عليه حالياً.
واليوم باتت الجائزة تمنح لأفضل لاعب في العالم بغض النظر عن مكان وقارة وجنسية.
ألم يستحق البرازيلي بيليه «الكرة الذهبية»، اقله في العام 1970، عندما قاد «منتخب السامبا» الى احراز كأس العالم؟
صحيح ان «المدفعجي» الالماني غيرد موللر حظي بشرف تقبيلها في تلك السنة غير ان بيليه كان الاجدى بذلك لولا القوانين التي افتقدت بعد النظر.
السجلات الذهبية تبقى راسخة في حضرة التاريخ، لكن يتعين على ميسي ان يعي تماماً بأنه فعلاً اول ارجنتيني يحظى ب«الكرة الذهبية» غير انه لم - وربما - لن يصبح افضل لاعب في تاريخ كرة القدم، لم ولن يصبح مارادونا، لأن ثمة مارادونا واحد.
هذا ما يقوله الواقع والتاريخ... وعلى السجلات السلام.